50 شكوى قضائية ضد جنود إسرائيليين لارتكابهم جرائم في قطاع غزة

ذكرت هيئة البث الإسرائيلية بتاريخ 06.01.2025 أن منظمات مؤيدة للفلسطينيين قدمت 50 شكوى في محاكم محلية حول العالم، ضد جنود احتياط إسرائيليين لارتكابهم جرائم في قطاع غزة.

ورصدت الهيئة الإسرائيلية في تقرير لها، ارتفاعا في محاولات ملاحقة جنود الجيش الإسرائيلي قضائيًا في الخارج، منذ اندلاع الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وقالت هيئة البث: "تم تقديم حوالي 50 شكوى ضد جنود احتياط، فتحت 10 منها تحقيقات في الدول المعنية، دون تسجيل أي اعتقالات حتى الآن".

وفيما لم تحدد هيئة البث الإسرائيلية أسماء هذه الدول، إلا أن صحيفة "هآرتس" العبرية أشارت يوم أمس الأحد، إلى أن الدول المعنية هي: جنوب إفريقيا، وسريلانكا، وبلجيكا، وفرنسا، والبرازيل.

وأشارت الهيئة -نقلاً عن مصادر أمنية- إلى أن الدول التي وصفتها بالصديقة لإسرائيل لا تمثل تهديدًا مباشرًا أو فوريًا بأوامر اعتقال جماعية، ولم تصدر تعليمات رسمية بمنع السفر إلى دول محددة رغم عد بعضها إشكاليًا.

وأضافت أن التعامل مع القضايا يجري فرديا، خاصة تلك التي تخص الجنود مزدوجي الجنسية، مثل الحالات المرتبطة بجنوب أفريقيا، أو الجنود الذين تشير معلومات استخباراتية إلى وجود نوايا لاستهدافهم.

وقالت، "أظهرت بيانات قسم أمن المعلومات في الجيش الإسرائيلي أن الجنود ينشرون يوميًا نحو مليون محتوى (صور وفيديوهات توثق تورّطهم) على شبكات التواصل الاجتماعي، مما يزيد من مخاطر الكشف والملاحقة".

وتابعت: "رغم وجود دول توصف بـ ذات احتمالية إشكالية (لم تسمها)، لم تصدر تعليمات رسمية بمنع السفر إلى دول محددة، لكن يتم التعامل بحذر مع حالات خاصة".

وفي الأشهر الأخيرة، سُجّلت عدة حالات لجنود كانوا على وشك الاعتقال قبل تحذيرهم من قبل الجيش الإسرائيلي بوجوب مغادرة البلدان التي كانوا فيها قبل اعتقالهم، بعد تقديم شكاوى من مؤسسات محلية إلى القضاء في تلك الدول لاعتقالهم بتهمة ارتكاب جرائم في غزة.

وعلى مدار 15 شهرا من حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال في غزة، عمد مئات الجنود إلى التباهي بنشر فيديوهات توثق جرائمهم في القطاع، بينها: قتل، وإساءة، وتعذيب، واعتقال، ونسف مبانٍ سكنية.

وفي وقت سابق، أفاد مراسل الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس"، يانيف كوبوفيتس، بأنّ قناة إسرائيلية على تطبيق "تلغرام"، عرضت مقاطع فيديو من غزة تظهر جثامين لفلسطينيين، مرفقة بشتائم وتحريض باللغة العبرية. وتحدثت القناة عن  تسريح قائد "وحدة التأثير" الإسرائيلية بسبب تجاوزه الرقابة وعرض مشاهد لوحشية جنود الاحتلال.

وذكرت الصحيفة نفسها أنّ ما كشفته القناة، "هو أمر غير مصرّح للجيش بالقيام به"، مؤكدةً أنّ "قائد وحدة التأثير في شعبة العمليات سيُنهي منصبه وسيتسرح من الجيش" في أثر ذلك.

تحذير جنود الاحتلال من الاعتقال في الخارج

ونقلت صحيفة هآرتس أن الجيش الإسرائيلي حذر جنود الاحتياط المتواجدين في الخارج من احتمالية تعرضهم للاعتقال بسبب مشاركتهم في الحرب على غزة.

وأوضحت أن التحذير يأتي على خلفية تتبع مؤسسات حقوقية إياهم وفتح دعاوى قضائية ضدهم، جراء مشاركتهم في حرب الإبادة الجماعية المستمرة في غزة.

من جهتها، أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت أن وزير الخارجية غدعون ساعر عقد اجتماعًا لفريق وزاري لمناقشة “سبل حماية الإسرائيليين واليهود في الخارج”.

وخلال الاجتماع، دعا ساعر إلى وضع إجراءات فورية وواضحة للتعامل مع هذه القضايا، مع توجيه الجيش بتوعية الجنود بعدم نشر مواد توثيقية لما يرتكبونها من جرائم. كما شدد على مراقبة المنظمات الدولية التي تعمل على ملاحقة الجنود الإسرائيليين قانونيًا.

وأفادت صحيفة إسرائيل اليوم أن أمهات جنود إسرائيليين بعثن برسالة حادة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس الأركان هرتسي هاليفي، طالبن فيها بتوفير الحماية القانونية لأبنائهن، محذرين من تبعات المحاكم الدولية، خاصة مع تراجع استقلالية القضاء الإسرائيلي.

وحسب هيئة البث الإسرائيلية، فقد "أوصت الجهات الأمنية بإعادة تقييم الرحلات التي تُعتبر عالية المخاطر، وأصبح تقييم المخاطر القانونية جزءًا أساسيًا من عملية اتخاذ القرار، مع إصدار توجيهات لتقليل النشاط على شبكات التواصل الاجتماعي".

وقالت: "أعرب خبراء مطلعون عن قلقهم من عدم وجود خطة شاملة للتعامل مع هذه الظاهرة، على الرغم من الجهود الحالية لتقليل التعرض والمخاطر القانونية".

الصحيفة أفادت بأن الجيش حذر جنود وضباط الاحتياط فقط لأنّ العسكريين النظاميين لا يمكنهم السفر دون موافقة مسبقة من الجيش على عكس الاحتياط.

وذكرت أن تل أبيب تُجري اتصالات مع دول جرى تقديم فيها شكاوى ضد جنود إسرائيليين، لمحاولة منع فتح تحقيقات ضدهم للحيلولة دون اعتقالهم.

وكشفت وسائل إعلام عبرية في وقت سابق، أن تل أبيب جندت محامين في دول عديدة بأرجاء العالم لمساعدة أي عسكري إسرائيلي يتعرض لمحاولة اعتقال أو يجري اعتقاله بالفعل.

من جهته، وصف زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد حادثة تهريب الجندي من البرازيل بأنها “فشل دبلوماسي” للحكومة، وانتقد تقاعسها عن حماية الجنود قانونيًا، متسائلًا عن كيفية تحول الفلسطينيين إلى قوة أكثر تأثيرًا على الساحة الدولية مقارنة بإسرائيل.

وكشفت تقارير حقوقية عن جمع معلومات تتعلق بجرائم ارتكبها جنود إسرائيليون في غزة، بما في ذلك نشر مقاطع مصورة توثق هذه الانتهاكات، بهدف دفع السلطات المحلية في الدول المختلفة لاعتقالهم.

أستاذ القانون الدولي وليام شاباس استبعد إمكانية نجاح إسرائيل في حماية جنودها المتورطين في جرائم حرب وإبادة، مشيرًا إلى افتقار النظام القضائي الإسرائيلي للمصداقية.

في السياق ذاته، أوضح الدكتور مهند مصطفى أن الملاحقات الدولية تشكل هاجسًا لإسرائيل، لما تحمله من تداعيات على ملفات المساءلة وغياب العدالة داخليًا

وتواصل تل أبيب مجازرها في غزة متجاهلة مذكرتي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية، في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهمتي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين بالقطاع.