خيام أهل غزة تتحول لـ"أفران محرقة" إسرائيلية بحق الأطفال والنساء

أصبحت خيام الفلسطينيين النازحين في قطاع غزة، أفرانًا لمحرقة إسرائيلية واسعة بحق الأطفال والنساء والشيوخ الآمنين العُزل، وتحت مرأى ومسمع المجتمع الدولي ومنظماته الانسانية في حرب إبادة جماعية هي الأبشع بحق الانسانية في التاريخ المعاصر.

خيام تصنع من أقمشة رقيقة ونايلون بالي تجابه بأقوى القنابل الإسرائيلية الحارقة والمتفجرة، في إبادة تجري في صمت وسكون من الدول العربية والاسلامية التي لم يحرك فيها مشهد قتل وأشلاء الأطفال والنساء والشيوخ الممزقة والمقدسات المدنسة، ذرة نخوة أو كرامة.

هذا الصمت جرأ الاحتلال الإسرائيلي على الاستمرار في المزيد من الجرائم والمجازر دونما اعتبار لأي قيمة أو حساب لأحد، تحت ادعاءات وتبريرات واهية لارتكابه المزيد منها، وكذب متواصل لا ينطلي على أحد، إلا على شركائه في الجريمة والعدوان.  

وارتكب الاحتلال، الليلة اول امس، مجزرة جديدة باستهدافه خيام النازحين في مواصي خانيونس جنوبي قطاع غزة، والتي يصنفها "منطقة إنسانية آمنة"، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 40 مواطنًا وإصابة ما يزيد عن 60 آخرين، فيما لا تزال أعمال البحث جارية عن مفقودين، إذ تسبب القصف بإحداث حفر كبيرة حريق واختلطت الجثث والخيام بالرمال.

يندى لها جبين البشرية

مدير المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة، قال إن الاحتلال "الإسرائيلي" قصف مناطق رغم إعلانه أنها مناطق إنسانية آمنة، مضيفًا أنه استهدف المدنيين النازحين في خيامهم وارتكب مجزرة بحقهم. 

وأكد الثوابتة أن جيش الاحتلال "الإسرائيلي" ارتكب مذبحة جديدة بحق النازحين من خلال قصف منطقة مواصي خان يونس بثلاث قنابل ضخمة، مشيرًا إلى أن الاحتلال استهدف خلال عمليته البشعة قرابة 70 خيمة من خيام النازحين. 

وشدد على أن جيش الاحتلال "الإسرائيلي" ارتكب مجزرة جديدة مُروعة في منطقة مواصي خان يونس يندى لها جبين البشرية، موضحًا أن جيش الاحتلال كان يعلم تماماً أن هذه المنطقة لا تضم سوى النازحين والأطفال والنساء إلا أنه استهدفهم بشكل مباشر وقتلهم من أجل القتل فقط. 

ولفت الثوابتة إلى أن المنطقة التي استهدفها جيش الاحتلال تضم آلاف النازحين معظم من فيها استشهدوا أو أصيبوا بالقصف أو أصبحوا في عداد المفقودين حتى ساعات الصباح.  وأوضح، أن أكثر من 40 شهيدًا و60 جريحًا في القصف على خيام النازحين بمواصي خانيونس، مشددًا أن كل ما ينشره الاحتلال عن قصفه عناصر المقاومة هو محض كذب وافتراء، وهذه محاولات فاشلة لتبرير جرائمه الوحشية بحق المدنيين والأطفال والنساء.

وشدد الثوابتة على أن الاحتلال "الإسرائيلي" يعتبر هذه المنطقة التي ارتكب فيها المذبحة بأنها منطقة إنسانية وآمنة، ويقوم بتلوينها باللون الأصفر على الخريطة، لكنه رغم ذلك ارتكب فيها هذه المذبحة وهذا يفند أكاذيب الاحتلال بخصوص المناطق الإنسانية الآمنية، فهي ليست مناطق إنسانية وتنعدم فيها الحياة، وأيضا هي ليست آمنة حيث يمارس فيها القتل والمجازر ضد آلاف النازحين.

صمت العالم شجع الاحتلال

ومن جانبها، اعتبرت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان، صمت وخذلان المجتمع الدولي إزاء الإبادة الجماعية الجارية في قطاع غزة، شجعا الاحتلال "الإسرائيلي" على مواصلة ارتكاب المجازر. 

وقال مدير مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان علاء السكافي إن الاحتلال جعل من المناطق الإنسانية التي يدعي أنها آمنة في محافظات غزة "مكانا للقتل والاستهداف" للمدنيين العُزل.

واستنكر السكافي، تلكؤ المحكمة الجنائية الدولية في إصدار أوامر اعتقال وتوقيف بحق قادة الاحتلال على المجازر والجرائم التي يرتكبونها بحق المدنيين في قطاع غزة. 

وأوضح أن ذلك يعطي دافعا للاحتلال كي يواصل ارتكاب الجرائم والمجازر بشكل يومي وعلى مدار الساعة.

كما شجب تسويف ومماطلة محكمة العدل الدولية، لعدم إصدارها قرارا نهائيا بوقف الإبادة الجماعية والمجازر بحق المدنيين في قطاع غزة. 

وذكر السكافي أن هذه المجازر تتطلب خطوة متقدمة من المجتمع الدولي بمحاسبة الاحتلال والضغط عليه لوقف جرائمه ومجازره بحق المدنيين في غزة. 

كما طالب "الجنائية الدولية" بالإسراع في إصدار مذكرات اعتقال وتوقيف بحق قادة الاحتلال، مستطردا: "للأسف هذا العالم اعتاد على مشاهد المجازر في قطاع غزة دون أن يحرك ساكنا". 

عجز المجتمع الدولي

من جهته، أدان رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" صلاح عبد العاطي، المجزرة البشعة والوحشية التي ارتكبتها الطائرات الحربية الإسرائيلية بحق النازحين قسرا في مواصي خانيونس. 

وذكر عبد العاطي أنه ووفقا لإفادات شهود عيان وتصريح الناطق باسم الدفاع المدني بان طائرات الاحتلال الحربية أطلقت خمس صواريخ وقنابل برملية شديدة الانفجار على تجمع للخيام في المنطقة المستهدفة، ما تسبب في استشهاد 40 مواطنا، واصابة 60 آخرين بجراح مختلفة، عدا عن ارهاب وترويع السكان النازحين في المنطقة المحيطة، كما وتسبب القصف في حرق ومسح قرابة 20 خيمة كانت تأوي عشرات المواطنين النازحين قسرا، ما يجعل من هذه المجزرة، واحدة من ابشع المجازر المرتكبة خلال حرب الإبادة الجماعية المتواصلة لليوم 340 علي التوالي. 

وحمل عبد العاطي الاحتلال الإسرائيلي وشركائه المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة النكراء وباقي جرائم الإبادة الجماعية التي لم تكن لتحدث لولا عجز المجتمع الدولي عن الوفاء بالتزاماته الأخلاقية والقانونية والإنسانية. 

كما حذر من التساوق مع روايات الاحتلال الكاذبة التي تهدف الى تبرير هذه الجريمة وخلق الذرائع لاستهداف وقتل المدنيين، بالقول بانها استهدفت نقطة تحكم وسيطرة تابعة لحركة حماس، والتي تكذبها اعداد الشهداء والجرحى من الأطفال والنساء، عدا عن خرق كل قواعد القانون الدولي الإنساني لاسيما احكام اتفاقيات لاهاي واتفاقيات جنيف التي تشترط احترام مبادئ التمييز بين المدنيين والعسكريين، ومراعاة عدم التسبب بأي اضرار بليغة لتحقيق أي مزايا عسكرية، وتقتضي ايضا بمراعاة مبادئ التناسب في استخدام القوة والإنسانية وهي قواعد لم تحترمها أو تلتزم بها دولة الاحتلال الإسرائيلي وقواتها الحربية، ما يجعلها واحدة من جرائم الإبادة الجماعية، وجريمة حرب مركبة ومكتملة الأركان. 

وطالب عبد العاطي المجتمع الدولي والدول الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف والأمم المتحدة ودول العالم للتحرك الجاد لوقف الإبادة الجماعية والعدوان الإسرائيلي المتواصل وتوفير الحماية الدولية للفلسطينيين، وفرض المقاطعة والعقوبات على دولة الاحتلال الإسرائيلي ومحاسبة قادتها وجنودها ومرتكبي جرائم القتل الجماعي امام القضاء الدولي.

قنابل أمريكية

وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن المجزرة المروعة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي ضد النازحين في خيام بالية ضمن المنطقة الإنسانية في "مواصي خان يونس" جنوبي قطاع غزة، دليل إضافي على أن الصمت الدولي على جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين منذ 11 شهرًا، وعدم إبداء مواقف مناسبة مع جرائم القتل الجماعية، تشجع إسرائيل على ارتكاب المزيد من هذه الجرائم. 

وأوضح المرصد الأورومتوسطي أن تحقيقاته الأولية أظهرت أن طائرات حربية إسرائيلية ألقت ثلاث قنابل من نوع MK-84 الأمريكية الصنع، بعد منتصف ليل الثلاثاء، 10 سبتمبر/أيلول، على تجمع لخيام النازحين في منطقة "مواصي خان يونس"، وهم نيام، ما أحدث ثلاث حفر بعمق وقطر عدة أمتار، تسببت بدفن نحو 20 خيمة بالعائلات التي بداخلها. 

وأشار إلى أن المنطقة التي تواجدت بها خيام النازحين عبارة عن كثبان رملية، وبالتالي فإن العديد من الخيام بمن فيها من عائلات كاملة دفنت تحت الرمال. 

وذكر أن الحصيلة الأولية للضحايا تجاوزت 60 شخصًا بين شهيد وجريح، مشددًا على أن استخدام هذا النوع من القنابل الأميركية ذات الأثر التدميري الواسع في منطقة مليئة بالخيام والنازحين مؤشر على نية الجيش الإسرائيلي قتل أكبر عدد من المدنيين، علمًا بأنه لم يسبق القصف أي إنذارات إخلاء. 

ونبه إلى أن هذه المجزرة تأتي بعد شهر من المجزرة الدامية التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي عندما قصف مدرسة "التابعين" في مدينة غزة، وقتل أكثر من 100 فلسطيني. وشدد على أن حالة الصمت والتجاهل التي تمر بها مثل هذه المجازر غير المسبوقة في تاريخ الحروب كونها تستهدف المدنيين بشكل صرف ومتكرر، مخزية ويندى لها الجبين، وتشكل ضوءًا أخضر لإسرائيل للاستمرار في ارتكابها ضمن نهج واضح لقتل الفلسطينيين جماعيًّا والقضاء عليهم. 

وأكد الأورومتوسطي أن الولايات المتحدة الأميركية شريكة في هذه الجريمة، كونها تزود الجيش الإسرائيلي بالأسلحة والقنابل المدمرة رغم علمها باستخدامها في قتل مئات المدنيين في كل مرة.

وبيّن أن تتبع منهجية القتل الإسرائيلية تشير إلى وجود سياسة واضحة ترمي إلى القضاء على المدنيين الفلسطينيين في كل مكان في قطاع غزة، وبث الذعر بينهم، وحرمانهم من الإيواء أو الاستقرار ولو لحظيًّا، ودفعهم للنزوح مرارًا وتكرارًا، وإهلاكهم وإخضاعهم لظروف معيشية قاتلة، مع استمرار القصف على امتداد القطاع واستهداف المناطق المعلنة كمناطق إنسانية، والتركيز على استهداف مراكز الإيواء، بما في ذلك تلك المقامة في مدارس وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). 

وشدد المرصد الأورومتوسطي على أن المدنيين في قطاع غزة يدفعون ثمن الهجمات العسكرية الإسرائيلية التي تنتهك على نحو جسيم قواعد القانون الدولي الإنساني، وبخاصة مبادئ التمييز والتناسبية والضرورة العسكرية.